عشرون عاما على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: نحو عالم متحد ضد الفساد
يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يقضي بتخصيص هذا اليوم لنشر الوعي بخطورة ظاهرة الفساد وضرورة محاربتها على كافة المستويات ونشر الوعي باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة في 31 أكتوبر من عام 2003م، ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2005م .
وتعد مشكلة الفساد من أعقد المشكلات التي تواجه العالم، فهي ظاهرة تمتد أبعادها لتشمل كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وتكمن خطورتها في آثارها السالبة على اقتصاديات الأمم فالفساد يبطئ عجلة التنمية الاقتصادية، ويثبط الاستثمار، وينفر رأس المال مما يؤدي في النهاية إلى تدني الإنتاج، وعلى الصعيد السياسي يؤدي استشراء الفساد إلى تقويض الديمقراطية وتغييب إرادة الجماهير بتأثيره على العملية الانتخابية وتزوير خيارات الشعوب، ومن الناحية الأخلاقية يساعد الفساد على تفشي الرشوة وشراء الذمم وانعدام الرقابة الذاتية على سلوك الأفراد.
وترتبط ظاهرة الفساد بشكل مباشر بنظام الحكم، فالبيئة المثلى للفساد هي الأنظمة الديكتاتورية التي تغيب مكونات الحكم الراشد من شفافية ومساءلة ومشاركة وسيادة حكم القانون، ولعل الناظر لآخر التقارير الصادرة عن المنظمة العالمية للشفافية يرى كيف تتجلى هذه العلاقة بوضوح يؤكد أن الديكتاتورية هي صنو الفساد، ولعله من المفيد ونحن نحتفل بهذا اليوم إلقاء نظرة على خريطة الفساد في العالم وفقا لآخر المسوحات ومؤشر مدركات الفساد لعام 2021م الصادر عن المنظمة العالمية للشفافية، فقد جاءت الدنمارك وفنلندا ونيوزيلندا في مقدمة الدول الأقل فسادا في العالم، بينما جاءت أفغانستان وكوريا الشمالية والصومال وسورية وجنوب السودان في أدنى القائمة باعتبارها أكثر دول العالم فسادا.
وفي العالم العربي جاءت كل من الصومال وسورية في ذيل القائمة واحتلوا المركز رقم 178، اليمن 174، ليبيا 172، السودان احتل المركز رقم 164، ثم العراق في الموقع رقم 157، جيبوتي 128 ، ثم مصر في المركز 117 ، تونس في الموقع رقم 70، الأردن 58 ، بينما حظيت قطر بالمركز رقم 31 والإمارات بالمركز رقم 24 مما يضعها على رأس قائمة الدول العربية الأقل فسادا.
إن الفساد ظاهرة لا تخلو منها دولة أو مجتمع، لذلك فإن العالم أحوج ما يكون لمحاربتها عبر حكوماته ومؤسساته ومنظماته وأفراده دون أي تأخير فكل دقيقة تدخر في محاربة الفساد تساعد في تأخير رفاه الإنسانية وتعطيل نمائها، لهذا جاء شعار هذا العام يخاطب الجميع “نحو عالم متحد ضد الفساد” ! إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان نضم صوتنا لهذا الشعار ونهيب بالجميع –كل في محيطه- أن يبدأوا في محاربة الفساد بكل أشكاله اليوم قبل الغد.
.